ما الجمال الا الجمال ..حين يتنفس الجمال من القلب
✍️ بقلم:د. ياسمين شكرى
ليس الجمال مرآة تخدعنا، ولا وجهًا يشرق ثم يشيخ؛ إنه سرٌ خفي، نسيمٌ يمرّ من الروح فيمسّ أرواح الآخرين. هناك وجوه تلمع لحظة ثم تُنسى، وهناك قلوب تضيء العمر كله… وبهجة اللقاء الأول.
الجمال ليس لون عيون، ولا تناسق ملامح، ولا هيئةٍ تُصقل كل صباح؛ الجمال روحٌ إذا عبرت جوارك، تركت فيك سكينة لا تعرف لها سببًا إلا أنها كانت نقية.
إنك إن أحببت إنسانًا لوجهه، أحببت صورةً لا روحًا، وإن أحببته لأخلاقه، سكنت فيك رؤيته حتى لو غاب. فما الجمال إلا نورٌ يتسع حين يفيض القلب حبًا ورفقًا، ويضيق حين يقسو أو يتكبر.
الوجوه تتعب.. والأرواح لا تهرم
كم من ملامحٍ أخّاذة فقدت بريقها حين نطقت بأذى، وكم من وجه بسيط صار جميلاً حين ابتسم بصدق.
الزمن لا يمحو الجمال الحقيقي، بل يكشفه…
يُفني المظهر، ويُبقي الجوهر.
فالقبيح ليس من قَسَت ملامحه، بل من قَسَا قلبه.
والجميل ليس من أُعجب الناس بثيابه، بل من أُعجب الناس بخلقه حين مرّ بهم خفيفًا… كنسمة لا تؤذي.
قيمة الإنسان أن يكون جميلاً من الداخل
تعالَ نؤمن لحظة أن الله لا ينظر لصورنا، بل لقلوبنا، وأن أكبر الزينة صمتٌ لا يجرح، ولسانٌ لا يغتاب، وقلبٌ لا يحمل حقدًا.
الجمال أن تُسامح حين تقدر، وتتواضع حين تُرفع، وتحنو حين أقسى العالم.
أن تمشي على الأرض وقد خبأت في صدرك ضوءًا؛ يضيء دون أن يطلب مقابلًا، ويمسح جراحًا لا يراها سواك.
الجمال رسالة وليس مظهراً
ليس الجمال مجهودًا تبذله ليعجب بك الآخرون، بل حالة امتنان ورضا يفيض به القلب فينعكس على الملامح، فيبدو حتى الحزين جميلاً، لأن في حزنه صدقًا، وفي صمته حكمة.
من أحبّ الجمال في الناس، فلينظر لقلوبهم أولًا؛
فالوجه مرآة عابرة،
أما الروح، فهي مرآةٌ تقودكَ إلى الله… وإلى نفسك.
في الختام
الجمال أن تترك في أثرًا لا يُرى بالعين، بل يُحس في حضورك، ويُفتقد في غيابك.
أن تكون نورًا لا يشبه أحدًا، وصوتًا للسلام داخل كل قلب مرّ بك.
فكن جميلاً… ولو كسرتك الحياة.
كن جميلاً… لتشفى القلوب بك لا منك.
كن جميلاً… ليذكرك الناس بالدفء، لا بالملامح.
