مال و أعمالمال واعمال

«صناع القرار» 2025.. عندما يصبح التحالف بين العقار والسياحة هو المحرّك الجديد للاقتصاد المصري

«صناع القرار» 2025.. عندما يصبح التحالف بين العقار والسياحة هو المحرّك الجديد للاقتصاد المصري

✍️ بقلم: طه المكاوي

لم يعد النقاش حول جدوى التكامل بين القطاعين العقاري والسياحي ترفًا نظريًا أو شعارًا تردده المؤتمرات، بل تحوّل اليوم إلى خيار اقتصادي استراتيجي تعوّل عليه الدولة والمستثمرون لتغيير خريطة النمو في مصر خلال العقد المقبل. فالعقار لم يعد مجرد بناء، كما أن السياحة لم تعد مجرد نقاط جذب موسمية، بل كلاهما أصبح صناعة خدمات وتجربة متكاملة؛ وعندما يتحدّان تتولد قيمة مضافة قادرة على خلق تدفقات نقدية مستدامة وجذب استثمارات طويلة الأجل.

وفي هذا السياق، جاءت النسخة السابعة من مؤتمر «صناع القرار» تحت عنوان «نحو رؤية تكاملية بين القطاعين السياحي والعقاري لدعم الاقتصاد المصري» لتتحول من مجرد ملتقى مهني إلى منصة لوضع خريطة طريق جديدة لتحالف اقتصادي واعد. وقد حظي المؤتمر برعاية وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ووزارة السياحة والآثار، والهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، وهو ما يعكس تبنّي الدولة لهذه الرؤية على أعلى مستوى.

حضور واسع من قيادات الشركات الكبرى 

حضور واسع من قيادات الشركات الكبرى والمستثمرين والمسؤولين الحكوميين والخبراء والإعلاميين أعطى للمؤتمر ثقلًا استثنائيًا. فقد شارك ممثلون بارزون من الهيئات الحكومية والقطاع الخاص، من بينهم:

المهندس مصطفى منير (الهيئة العامة للتنمية السياحية)

المهندس أحمد يوسف (الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي)

المهندس طارق شكري (وكيل لجنة الإسكان ورئيس شركة العربية للتطوير العقاري)

المهندس أيمن عامر (شركة سوديك)

المهندس سامر فراج (شركة سان اند سام المنظمة للمؤتمر)

كما شارك قادة شركات كبرى مثل IWAN – LMD – سوديك – Places & People – MBG – MADAAR – تلال – برايم – سوما باي – Marriot JW – MG – ITC، ليؤكدوا أن فلسفة «السياحة المدعومة بالعقار» بدأت تتحول إلى نموذج اقتصادي كامل الملامح.

التوصيات.. مناقشات أم أجندة تنفيذية؟

لم تخرج جلسات المؤتمر بتوصيات إنشائية، بل حملت ملفات عمل واضحة، من أبرزها:

 تحفيز الاستثمار في المدن الفندقية والمنتجعات الجديدة لتعزيز القدرة الاستيعابية للسياحة.

 زيادة تصدير العقار كمنتج اقتصادي عالمي، وتحويله إلى شقق فندقية قابلة للتسويق الدولي.

 تبنّي نموذج الفنادق العائمة للتنقل بين الوجهات (الساحل الشمالي – رأس سدر – الغردقة) دون الاعتماد على مطار واحد.

 تسريع إجراءات التراخيص وتوضيح الأطر القانونية للمطورين والمستثمرين.

 تحسين تجربة الزائر من المطار وحتى الخدمات داخل الوجهة باعتبارها العامل الفاصل في بقاء السائح أو رحيله.

 دعم السياحة الداخلية وتعظيم مميزات كل منطقة على حدة.

 دمج الأدوات الرقمية والذكاء الاصطناعي في الترويج والإدارة التشغيلية.

ما بعد المؤتمر.. هل تبدأ مرحلة «العقار المُنتِج»؟

ما أفرزته الجلسات يعكس تحولًا واضحًا في خطاب الدولة والمستثمرين: لم يعد العقار قطاعًا استهلاكيًا يعتمد على البيع لمرة واحدة، بل أصبح أصولًا قابلة للتشغيل والإيراد المستدام عبر السياحة والضيافة والترفيه. وهنا يمكن القول إن مصر أمام نقلة استراتيجية من «مدن الإسكان» إلى «مدن التجربة» — مدن تُبنى ليعيش فيها الناس ويزورها السياح وتعمل فيها الخدمات على مدار العام.

ربما لا نبالغ إذا قلنا إن ما يحدث اليوم ليس مجرد تنسيق بين قطاعين، بل إعادة صياغة لهوية الاقتصاد المصري. فحين يتحول العقار إلى منصة ضيافة، وتتحول السياحة إلى محفّز عمراني، يصبح كل مشروع ليس مجرد مبنى أو منتجع، بل استثمارًا في صورة مصر أمام العالم.

وإذا استمرت الدولة والمستثمرون في المضي بهذا النسق المتكامل، فإن السنوات القليلة المقبلة قد تشهد ولادة جيل جديد من المدن والتجارب الاقتصادية العابرة للحدود.

ولعل السؤال لم يعد: هل سينجح هذا التحالف؟ بل إلى أي مدى يمكن أن يقود مصر نحو مكانة تستحقها على خريطة الاستثمار العالمي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى